سؤال : ما الوسائل والأهداف التي نستفيدها من قصة آدم؟ الصراع بين آدم وإبليس هو بطل من أبطال القصة لكن لم يرد ذكره في آيات سورة البقرة فكيف نفسّر هذا؟
القصة لم تكتمل ولن تكتمل إلا بإنتهاء الملامح السبعة في السور السبعة التي ذكرت فيها قصة آدم وهي: البقرة والأعراف والحجر والإسراء والكهف وطه وص. في سورة البقرة لم يذكر إبليس مع الملائكة وهذه تعطي ملمحاً آخراً إن إبليس كان مستوعباً للأمر كله الذي لم تستوعبه الملائكة فهو لم يتعترض في البداية ولم يستفسر كما فعلت الملائكة ولم يسأل ما سألته الملائكة لأنه فهم القصة. بعض المستشرقين يريدون أن يتكلم إبليس مع الملائكة والبديع أنه لم يرد ذكر إبليس إلا في الإعتراض مع السجود وهذا من بديع القرآن. لم يرد ذكر إبليس إلا ساعة أبى وإستكبر. هو كان مشمولاً بالأمر بالسجود بدليل (إذ أمرتك) لكن لم يشمله الكلام مع الملائكة ولم يتكلم معهم، هو ليس من الملائكة وساعة يذكر القرآن الكريم الملائكة يقصد الملائكة دون إبليس. المولى عز وجل قال (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)) الإستثناء يظهر عندما سأله (أستكبرت أم كنت من العالين) لو قال إبليس أما لست من الملائكة لكن برر عدم سجوده لكنه قال (أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) فهذا يعني أن الأمر بالسجود كان له وهو لم يعترض. إذا صدر الأمر لمن هو أعلى يكون شاملاً الأدنى، فإبيلس كان حاضراً مع الملائكة ولم يبرئ نفسه وإنما ردّه يدل على أن الأمر شمله. فالأمر بالسجود على أنه أدنى من الأعلى المأمور أو الملائكة وهو لم يعترض وإنما قال (لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون) تعني أنه فهم أن الأمر شمله. فالدروس المستفادة حتى الآن هي الطاعة.
إعترفت الملائكة بالعلم المطلق لله تعالى (سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم) أما إبليس فظهر ساعة الأمر بالسجود فقط وساعة رفض السجود (إلا إبليس) ولم يظهر إلا عند توقيع رفضه وإعتراضه وإستكباره وتعاليه. كُفر إبليس هنا يبيّن مناط رد الأمر على الآمر وهذا إختلاف المعصية بين آدم وإبليس فمعصية آدم u أنه أطاع ثم عصى أما إبليس فعصى فوراً بردّ الأمر على الآمر وهذا أكبر أنواع الكفر ولذا تاب الله تعالى على آدم ولم يتب على إبليس كان من الكافرين وكان من الجِنّ ففسق عن أمر ربه. غلبت خِلقته عليه وهذا سر الفسوق لأن طبيعته أهّلته لذلك.
(إلا إبليس أبى) هذا ملمح و (إستكبر) هذا ملمح. (أبى) توصيفه أنه رفض السجود، إستكبر مناط أبى. بمعنى أنه رفض لأنه إستكبر وهذه جزئية يجب أن نقف عندها ونخلّص أنفسنا منها وهي الكِبر ومحمد r يخبرنا في الحديث الشريف :" والله لن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرّة من الكِبر" . المشكلة أن البعض يدّعي أنه متواضع لكن عنده كِبر. الكِبر يُخرج من المِلّة ويُخرج من الجنة ويُخرج من طاعة الله. فالإستكبار هو الذي جعل إبليس يأبى السجود لآدم طاعة لله تعالى.
لماذا رفض إبليس السجود؟ لأن عنده كِبر ومتعالي وظنّ أن النار أفضل من الطين (أنا خيرٌ منه) ولا أدري من أين جاء بهذه الأفضلية؟ قال (أأسجد لمن خلقت طيناً) هو نسب الخلق لله تعالى ومع هذا إستعلى على الخالق الذي خلق وهو مخلوق. هذه عبرة لنا لأننا يجب أن نستعلي على الخالق ولا نستكبر لأننا مخلوقين. قارون قال (إنما أوتيته على علم) قال أوتيته أي نسب الإيتاء لله تعالى ومع هذا إستكبر. فعلينا أن نراجع أنفسنا لأنه لا جنّة مع كِبر، يجب علينا أن نتواضع لأنه ليس في يدنا شيء ولم نفعل شيئاً ولن نفعل إلا بفضل الله تعالى وإذنه وإرادته ومشيئته حتى إسلامنا هو بمشئيته (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله).
سؤال : عندما سألت الملائكة في بداية قصة آدم ذكر تعالى الحوار بالتفصيل لكن بعد صدر الأمر من الله تعالى بالسجود آدم لم يرد أنه حصل حوار لماذا؟
هذا يبيّن أن الملائكة رغم أنهم سألوا من قبل سؤال إستفسار وتدبّر سجدوا فوراً بمجرد صدر الأمر من الله تعالى بالسجود أما إبليس فهو الذي لم يرد أن سأل من قبل خلق آدم رفض السجود. الملائكة سألت وناقشت ومع ذلك أول ما صدر الأمر بالسجود إئتمروا وسجدوا وإبليس الذي لم يتكلم أبداً من قبل رفض وهذا يسيء إلى وقفه لأن عدم كلامه في البداية يدل على أنه مقتنع. وهذها درس لنا: إياكم والكِبر فقد تكون في أعلى درجات الإيمان فتزِلّ وتموت عليها وهذا درس آخر أن الإنسان المسلم الواعي قد يكون في أعلى درجات الإيمان فيزله الشيطان فيموت على أعلى درجات المعصية.
في سورة البقرة لم يرد ذكر للحوار بين الله تعالى وإبليس بعد الأمر بالسجود لأن ملمح قصة آدم u في سورة البقرة هو ملمح شمولي يهمنا فيه أن إبليس رفض السجود لنأخذ الملمح. فإياك أن تكون على درجة إبليس تكون طائعاً ثم تزل فتموت على معصية ثم يعطيك ملمحاً آخر: يا آدم إذا رفض السجود لك فكيف تسمع كلامه؟ (هذه سرعة إنتقال).
لم تُذكر حواء ولم يُذكر خلقها هنا في سورة البقرة لكن شملها الأمر بالدخول إلى الجنة والأكل. فهل صدر الأمر الإلهي لآدم أن لا يسمع ويرضخ لكلام إبليس؟ آدم علِم العداوة من إبليس. وقصة آدم واحدة مكتملة. في سورة البقرة صدّر الله تعالى السورة بهذه الملامح من قصة آدم للإيمان لأن الإيمان ليس معه لماذا؟ أسلِم ثم إسأل وهذا معنى الإسلام. الإسلام طاعة لأن الإله لا يخدع ولا يكذب حاشاه فهو الآمر.
هل هناك حكمة من تأخير ذكر حواء؟ هناك حكمة أنه لم يذكر إسمها مطلقاً في القرآن وجاءنا إسمها من الحديث الشريف وهذا ليعلمنا أن المسلم يأخذ من الكتال والسُنّة تماماً كما أخذنا ركعات الصلاة ومناسك الحج وغيرها من الرسول r من سُنته الصحيحة.
(قلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك) كلمة اسكن لها دلالة لأن العرب تسمي السكن للبيت الذي يكون فيه زوجان أما بيت العازب أو الأرمل فلا يقال له سكن هذا في اللغة. الزوج من آيات الله بدليل (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها) لم يطلق العرب كلمة سكن على بيت العازب أو الأرمل وإنما على البيت الذي فيه زوجان فالمرأة تسكن إلى زوجها وهو يسكن إليها وهي تسكن به وهو يسكن بها من السكينة. ومن الآيات أن جعل بينكم مودة ورحمة. المرأة والرجل كل منهما فرد وبعد العقد يقال زوج لكل منهما فنقول: محمد زوج خديجة وخديجة زوج محمد. وعندما نتكلم عن الإثنان نقول زوجان. الفرد بعد العقد يصبح زوجاً. لو قال اسكن أنت فقط لما استعل كلمة اسكن. السكن لا يكون إلا للإثنين.
سؤال : ما دلالة كلمة (وكُلا)؟:
الله تعالى أعطاهما المباح قبل الممنوع وهذه عطاءات الله تعالى. في غير القرآن كان يمكن أن يقول واسكن ولا تأكلا. لكنه تعالى منحه كل الشجر في الجنة ومنعه من شجرة واحدة وكلمة الجنة تعني الشجر الكثيف وربما لو كان المنع كان عن مئات الأشجار لكان لآدم عذراً لكن المنع كان عن شجرة واحدة والمباح كل باقي الشجر.
تحريم الخمر جاء في القرآن على أربعة مراحل تدل على أن المنع له حكمة فالذي يمتنع من تقلاء نفسه ثوابه أكبر من الذي يمتنع بعد صدور الحكم ولكل ثوابه. أحياناً المنع يكون لحكمة ولخوف على الشخص لكن لما يمنعك الله تعالى فهو يختبرك (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون). أول مرحلة من مراحل تحريم الخمر قوله تعالى (وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67) النحل) طالما جاء الوصف لما بعد الواو (رزقاً حسناً) فهي أفضل مما قبل الواو (سكراً) فالرزق الحسن أفضل من السكر إذن. والمرحلة الثانية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ (43) النساء) لأنهم كانوا يصلون العشاء ويسكرون ثم قبل الفجر يكونوا قد أفاقوا من السكر فيغتسلوا ويأتوا لصلاة الفجر وهم صاحون. والمرحلة الثالة (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219) البقرة) والمرحلة الأخيرة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) المائدة ) وهذا نهي قاطع (فاجتنبوه) . فهل الذين إمتنعوا من أول مرحلة يتساون في الأجر مع الذين إمتنعوا بعد الرحلة الأخيرة؟ بالطبع لا صحيح لكل منهم أجره لكن أجر الذين إمتنعوا بداية أكبر لأنهم السابقون. فالمسألأة إذن ليست لمجرد المنع وإنما حكمة وإبتلاء ولهذا قال تعالى (ثلة من الأولين وقليل من الآخرين).
(وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ) هي شجرة واحدة بدليل قوله تعالى (ولا تقربا هذه الشجرة) تدل على أنها واحدة وليست صنف شجر. وأوضح تعالى العلة في المنع (فتكونا من الظالمين) الظالمين لأنفسهم لأنه أبشع أنواع الظلم. لم يكن موجوداً غير آدم فظلم نفسه حتى تداركته رحمة الله تعالى. توبة آدم لم تأت من تلقاء نفسه (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه) أخذ آدم الكلمات من الله تعالى لأنه سبحانه وتعالى أراد أن يشرّع التوبة لأنه توّاب.
نلاحظ أن إيقاع القصة في سورة البقرة متسارع وهذا الملمح الشمولي في السورة. المؤمن الواعي يقتنع من قراءة سورة البقرة ولا يسأل أسئلة غريبة وعندما يقرأ بقية ملامح القصة في السور الأخرى يزداد إيماناً ويترقى ويرضى بما قاله تعالى ويفهم ولا يهمه ما نوع الشجرة. المهم أنه مُنع عنها والإختبار إنما هو طاعة لله تعالى.
(فأزلّهما) إستخدم القرآن في القصة (ثم) و الواو والآن يستخدم الفاء لأن الشيطان لم يصبر عليهما وأطاعوه بسرعة. أزلّ للإثنين (آدم وزوجه) وهذا ينفي ما يقال زوراً عن حواء وما تورده الإسرائيليات وحواء منه براء. قال تعالى (فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى) تدل على أن القضية مناطها الرجل بدليل القرآن قال (فتلقى آدم من ربه كلمات) وحواء معه فقالا (ربنا ظلمنا أنفسنا) آدم تلقّى الكلمات وأعطاها لحواء فقالا هما الإثنان (ربنا ظلمنا أنفسنا).
(أزلّهما، فأخرجهما) دلالة على السرعة وهذه تدل على النتيجة المترتبة على التسرّع.. (فلا يخرجنكما) تدل على أنه سيحصل ما يخرجكما فلا تتبعاه وهو عدو لكما. هناك وسوسة وإخراج إلا من رحم الله تعالى بإستغفار وتوبة وعودة إلى الله تعالى وقلنا في الحلقة السابقة أن أفضل أنواع التوبة توبة محمد r وهي توبة عن توبة.
الجنة التي كان فيها آدم على أغلب الآراء أنها في الأرض. القرآن عربي والجنة لغوياً تكون بربوة والهبوط منها هبوط درجة لأنهما لم يسمعا كلام الله تعالى. إستعمل القرآن الكريم الجنة في عدة آيات على أنها في الأرض (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة) (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (32) الكهف) الجنة وردت في القرآن على جنة الأرض واستُعيت الجنة لجنة الخُلد. كل الجنان في الأرض كما ذكرت في القرآن واستعير الجنة الخلد لُغة. ولو أنها جنة السماء جنة الخلد لما كان آدم خرج منها وجنة الخلد نتيجة وجزاء على طاعة فكيف يدخلها آدم. الجنة أساسها الستر تجنّ من بداخلها أي تستره وهي على الأرض.
سؤال : صدر الأمر الإلهي لآدم وزوجه أن يسكنا الجنة ولم يصدر لإبليس فكيف دخل؟
الوسوسة هو صوت أساور الذهب في يد المرأة وهذا الصوت تسمعه من بعيد ولا يحتاج إبليس أن يدخل المكان ليوسوس وهذا من طبيعته وقدرة الله تعالى في خلق إبليس. (أقعدن لك صراطك المستقيم) لكنه إستثنى العباد المخلَصين ويقول تعالى (قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42) الحجر) عبادي هم عباد الرحمن (فادخلي في عبادي وادخلي جنتي) بحثت في القرآن عن كلمة أضعها مكان الياء في عبادي فوجدت عباد الرحمن. وهنا نسأل لماذا إختار تعالى إسم الرحمن دون سائر أسمائه الحسنى ليبدأ به سورة الرحمن (الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان)؟ الله تعالى خلق الإنسان للعبادة ومناطها القرآن ومن أظهر مظاهر الرحمن أن يقول إسم الرحمن ولم يقل القهار أو الجبار. هو سبحانه وتعالى سهّل المنهج بمُطلق الرحمة. ولفظ الرحمن لا يُطلق على مخلوق وإنما هو إسم خاص لله تعالى أما كلمة رحيم مثلاً فيمكن أن تكون للناس فقد وصف الرسول r بأنه (بالمؤمنين رؤوف رحيم).
(فأزلهما الشيطان) لم يقل إبليس للتشيطن لأن إسمه غير صفته غير جنسه. هو لم يرفض إلا لأنه تشيطن وإبتعد عن طاعة الله. ولا يمكن أن يقول طاغوت لأنه تشكل إبليس وغيره. وكلمة شياطين الإنس لا تُطلق إلا مع قرينة سياقية.
الشيطان إبتعد عن طاعة الله تعالى فلما تشيطن أصبح شيطاناً وما كان ذلك إلا لأنه كان من الجِنّ ففسق وهذه تساوي طلمة تشيطن.
سؤال: دخل آدم وزوجه الجنة وحدثت الوسوسة، هل أخذ هذا شكل صراع طويل؟ هل قضى آدم وقتاً طويلاً في الجنة؟
وردت هذه الأشياء لكن في غير سورة، في ورة الأعراف قال (وقاسمهما) ولم يقل أقسم لهما.
(فأزلهما) دلالة اللفظ أن الإثنين مع بعض في الفعل أبعدهم الشيطان عن طاعة الله سبحانه وتعالى. أزلّهما هي مناط وأخرجهما هي نتيجة. أحد الأفاظ يعطي ملمح كل جزئية: وسوس واقع، نوعها: أزلهما، قاسمهما، توصيف فعله لآدم ولنا هي وسوسة (فوسوس).
أزلّهما مناط (عنها) عن الطاعة، الجنة وبعض العلماء قالوا أزلهما عن رحمة الله تعالى والنتيجة في كل الأقوال واحدة وهي أنهم خرجوا. أخرجهما صوّرت إبليس على أنه الفاعل. الله تعالى أسكنهما الجنة وإبليس أخرجهما منها ولكن كل شيء بإرادة الله سبحانه وتعالى. وفي الحقيقة الذي أخرجهم من الجنة هم أنفسهم، صحيح أخرجهما الشيطان بوسوسة لكنهما إستجابا له وهذه الإستجابة كانت مناط نجاح الشيطان. هما أخرجا أنفسهما بطاعة الشيطان وتمّ ذلك على مراد الله تعالى لحكمة لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى. لم يكن في وسع آدم أن يرفض وهذا ليس من باب التسيير الذي يحتج به البعض. توصيفه أنه سمع كرم الشيطان لكن هذا منتهي لعلم الله سبحانه وتعالى. الله تعالى من أسمائه الخبير فلا يحاسَب على خبرته.
في سورة البقرة جاء تحذير عظسم (فتكونا من الظالمين) والناس إلى الآن ما زالت تطيع إبليس على الرغم من أن تجربة آدم أمامنا.
علينا أن نتجنب الشيطان ومعصية الله تعالى فإذا عصينا علينا أن نبادر بالتوبة إلى الله تعالى ونلجأ إليه في أوقات الإجابة ونحن لديتا أحاديث كثيرة في هذا الباب " أن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده النهار ليتوب مسيء الليل" وحديث الثلث الأخير " حيث يتنزّل الله تعالى إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل فيقول هل من تائب فأتوب عليه، هل من مستغفر فأغفر له، هل من سائل فأعطيه؟" الله تعالى يقترب منا ونحن نبتعد. أين الناس في الثلث الأخير من الليل؟!
أسأل الله تعالى أن يجلّي لنا حقائق القرآن ليجنّبنا معصية الشيطان