الحلقة 9 (مباشر)
مفهوم الإسرائيليات في قَصص القرآن
الكلام كثير عن الإسرائيليات والنس بين معارض للكلام عنها وبين مؤيد. هدف كل مسلم لله رب العالمين أن تكون وقفته أمام الله تعالى يوم القيامة وقفة صدق ووقفة حق، وقفة يقدّم بها لرب العالمين ما باستطاعنه للإسلام. الإسلام ليس مسألة تكريم أو تشريف لصاحبه وإنما تكليف لأن المسلم يختلف عن أي مسلك في ديانة أخرى أنه مكلّف بتوصيل الرسالة الخاتمة إلى يوم القيامة. الإسلام كدين وديانة يختلف التديم به وفيه على كل الرسالات السابقة. فالسملم على عهد موسى u لم يكن مكلّفاً بالتبليغ لأن الرسالة كانت محددة بقومه فقط. كل مسلم منا عليه أن يقدّم شيئاً للإسلام. الإسلام يصلح ومصلح بفعل أهله لكل زمان ومكان.
الإسرائيليات من أخطر القضايا التي تعرض لها الإسلام. نرجع إلى عصر الرسول r حينما كان ينزل القرآن: كانت الآية تنزل والرسول r على قيد الحياة والصحابة الكران ولم يكن هناك مشاكل لأنهم كانو يرجعون للرسول r في كل صغيرة وكبيرة حتى ليهود حسدونا على هذه فقالوا: ما لهذا الرسول يعلّم أصحابه كل شيء حتى دخول الخلاء. حينما حُرّفت التوراة هدأ أصحاب التحريف وكذلك عندما حُرّف الإنجيل. أما مع القرآن فتعب المحرّفون فلما فشلوا في تحريف القرآن الذي تصدّى الله تعالى له بقوله (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) فدخلوا في تفسير القرآن والأحاديث النبوية التي نعيش عليها ودسّوا في السُنّة كما دسّوا في التفسير, وفعلوا هذا بطريقة تناسب بعض قلوب المسلمين والمسلمون يحتاجون لرقائق فعملوا لهم حكايات وطريقة كما في (عرائس المجالس) هذا الكتاب كله دسائس وهذا الكتاب للأسف متوفر في المكتبات وبسعر زهيد.
وإذا نظرنا في بعض ما جاء في هذا الكتاب في باب خلق آدم لكشفنا ما فيه من الإسرائيليات التي دخلت في هذه القصة بشكل قد لا ينتبه إليه المسلم. في باب خلق آدم جاء في الكتاب ما معناه : قال المفسرون (دون تحديد من هم هؤلاء المفسرون!) أن الله لما خلق آدم أوحى إلى الأرض أني خالق خلقاً منهم من يطيعني ومنهم من يعصيني فمن أطاعني أدخلته الجنة ومن عصاني أدخلته النار. ثم طلب من جبريل أن ينزل إلى الأرض فيقبض قبضة منها للخلق فنزل فقالت له الأرض أعوذ بعزة الله الذي أرسلك أن تأخذ مني شيئاً فعاد جبريل ثم طلب من ميكائيل فحصل معه ما حصل مع جبريل ثم أرسل ملك الموت فقالت له الأرض ما قالته لجبريل وميكائيل فقبض من الأرض قبضة.
علينا أن نتعلم كيف نفكر. أولاً في هذا الكتاب جاء (قال المفسرون) هل يُعقل أن كل المفسرين قالوا نفس المعاني؟ فالمفسرون عادة يقولون بألفاظ مختلفة ومعاني متفقة. على الأقل كان يجب أن يقول بعض المفسرين صيانة لإحتمال. ثم هل يعقل أن الله تعالى يستأذن الأرض ولا ترضى والله تعالى قال في كتابه العزيز (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فصلت)؟ كيف يقول تعالى أن الأرض والسماء أتيتا طوعاً وهذا يكتب في كتابه عرائس المجالس أن الأرض لم ترضى أن يأذخ جبريل منها قبضة؟! ثم يرسل الله تعالى جبريل وميكائيل ويفشلا؟ والذي ينجح ملك الموت الذي هو غير مسؤول عن الحياة لأن قبضة الأرض هي للخلق والحياة. ثم ملك الموت أخذ قبضة من الأرض بكل أنواعها : من سهلها وجبلها وأسودها وأهمرها ولهذا إختلف الخلق بأطباعهم وهذا يعني حسب الكاتب أن الذي قصّر فهذا لأن طبيعته هكذا فتجعل العاصي راضياً عن معصيته وهذا مفهوم متناقض مع مفهوم القرآن والتفسير وما بُعِث به الرسول r بدليل لأن هناك تكليف (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) المقصر سيقول هذه طبيعتي هكذا وهذا ضد العقل والمنطق ونسأل أين سند الكلام الذي جاء به الثعلبي في كتابه؟ لا يمكن لمسلم أن يأخذ من خارج القرآن والسُنّة. هذه الكتب لا تذكر عادة السند.
يجب علينا أن نتقي التراث من هذه الكتب عن طريق لجان متخصصة لأنه ليست من تراث الإسلام.
كلمة إسرائيليات جمعٌ مفردها إسرائيلية فما معناها؟
هي حكاية حكاها أحد اليهود عن واقعة ما. إسرائيل هو صفيّ الله وهو يعقوب u والخطاب في القرآن (يا بني إسرائيل ) فالمقصود (يا بني يعقوب). هل سمع أي مسلم أن محمداً r أخذ عن اليهود أو من اليهود؟ عندما قال عمر بن الخطاب سمعت التوراة كذا غضب الرسول r وقال " لو كان موسى بين ظهرانينا ما وسعه إلا أن يتبعني" فالرسول r ما أخذ عن أحد وإنما (علّمه شديد القوى).
الإسرائيليات دخلت في التفسير والحديث بذكاء شديد لأن المزوّر يجب أن يكون ذكياً ونحن علينا أن نكون أذكى منه لأن مرجعيتنا هي الكتاب والسُنّة الصحيحة.
في سنة 41هـ كانت سنة وبال على الأمة بإنتهاء عصر الصحابة والتابعين. من يومها مرّ الكتاب والحديث بمرحلتين مرحلة الرواية والتدوين. مرحلة الطباعة أثّرت بشكل حدّث ولا حرج لأنه لو كتبت في رقعة بخط يدك فلو أدخل أحدهم عليها شيئاً أو صححها سيكون من السهل أن يظهر الفرق في الخط ويظهر التصحيح أو الزيادة لكن في الطباعة لا ينكشف التزوير ولهذا الأفضل عند تحقيق الكتب أن نرى الأصل في الكتاب المخطوط حتى تنكشف الزيادة أو الخطأ أو التزوير. والمحقق عليه أن يتّهم المزوّر حتى تثبت براءته وبراءته تأتي من أصل المخطوط فإن لم يوجد مخطوط لا يمكن كشف التزوير.